ﻗﺮﺍﺀﺓ في ﺩﻳﻮﺍﻥ "ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻴﻤﺎﻧﻴﻮﻥ "
ﺍﻟصرﺍﻉ ﺳــﻤﺔ ﺇﻧﺴــﺎﻧﻴﺔ ﻭﻟﻬﺎ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺷــﺘﻰ ﻋﲆ ﻣــﺪﺍﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳــﺦ , ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺤﺮﺑﻲ ﻟﻺﻧﺴــﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻻﻗﺪﺭ ﻋﲆ ﻛﺸــﻒ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻭﻓﻀﺢ ﺍﻟﻨﻘﺎﺋﺾ , ﻭﺗﻈــﻞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻫــﻲ ﺍﻟﻌﻨﴫ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﻴﺐ ﻓﻘــﺪ ﺩﻟﺖ ﻣﺘﻮﺍﻟﻴــﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳــﺦ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻲ ﻣﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺴــﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳــﻴﺔ ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻮﻟﻴﺪﻫﺎ ﻓﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﺑــﻲ ﺗﺘــﻼﳽ ﻓﻴــﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻭﺍﳌﻌﺮﻓــﺔ ﻋــﲆ ﺣﺴــﺎﺏ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﰲ ﺳﻴﺎﻗﻪ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭه ﺃﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﻫﻮ ﺍﻷﺷــﺪ ﺗﺄﺛــﲑﺍ ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻗﺪﺭ ﻋﲆ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪ، ﻓﺎﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟــﺬﻱ ﻧﻌﻴﺸــﻪ ﻟﻴــﺲ ﺇﻻ ﻧﺘــﺎﺝ ﺍﻟﻮﻋــﻲ ﺍﻟﺒــﴩﻱ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﻋﲆ ﻣــﺪﺍﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﺼﺒــﺢ ﺍﳌﻮﺟــﻮﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻔﻨــﻮﻥ ﻭﺍﻵﺩﺍﺏ ﺗﺠﻠﻴــﺎ ﳌﻀﺎﻣــين ﻭﺗﻮﺟﻬﺎﺕ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﻌﻼﻗــﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ.
ﻓﺎلمؤﺳﺴــﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴــﺔ ﺍﻟﺘــﻲ ﺗﺤﺘﻜــﺮ ﻣﻔﻬــﻮﻡ ﺍﳌﻌﺮﻓــﺔ ﻛﺎﻧــﺖ ﺗﻌﺘﻘــﺪ ﺃﻥ ﻫﻨــﺎﻙ ﺷــﻜﻼ ﻭﺍﺣــﺪﺍ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻳﺤﻮﻱ ﺧﻼﺹ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻟﻢ ﺗﺪﺭﻙ ﻳﻮﻣﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻧﺴــﺒﻴﺔ ﻭﻫــﻲ ﻋﲆ ﻋﻼﻗــﺔ ﺗﻘﺎﻃﻌﻴﺔ ﻣــﻊ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺣــﺪﺙ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺍﻟﻔﻜــﺮﻱ ﻭﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﻮﺍﺣــﺪ ﻭﺗﻌﺪﺩﺕ ﺍﻟﺘﻔﺴــﲑﺍﺕ , ﻓﺎﻟﻔﻠﺴــﻔﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻫﻤﺎ ﺍﻷﻗﺪﺭ ﻋﲆ ﺗﻔﺴــﲑ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻭﻓﻠﺴﻔﺘﻬﺎ ﺗﻤﻠﻚ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﲆ ﺍﻟﺘﻔﺴــﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﺪﻡ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺎﻟــﴬﻭﺭﺓ ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ ﺗﻘﺎﻃﻌﺎ ﺳــﻴﺎﻗﻴﺎ ﻣــﻊ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﺒﴩﻳﺔ ﻭﻫﺬه ﺍﻟــﴬﻭﺭﺓ ﻻ ﺗﺮﻯ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻨﺘﺠﺎ ﻳﺘﻢ ﺑﻨﺎﺅه ﻟﻐﻮﻳﺎ ﻭﺳﻴﺎﺳــﻴﺎ ﺃﻭ ﻋﱪ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺑــﻞ ﺗﺮﺍه ﻭﺍﻗﻌــﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻨﺸــﺎﻁ ﺍﻟﺒﴩﻱ ﻭﻗﺪ ﻳﻜــﻮﻥ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻮﺍﻗــﻊ ﻭﻋﻴﺎ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﺗــﱪﺯه ﺍﻟﻌﻼﻗــﺎﺕ ﺑــين ﺍﳌﻮﺿﻮﻋﺎﺕ ﻛﻮﻧﻬــﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﻣﻌﻪ ﻭﺟﻮﻫﺮﻫﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﲇ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﺍﻟﻔﻨــﻮﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺒﺪﻋﻬﺎ ﺍﻟﺒﴩ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﻋﻦ ﺷــﻌﺮ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﰲ ﺳــﻴﺎﻗﻪ ﺍﻟﺘﺘﺎﺑﻌﻲ ﻏﻮﺻﺎ ﰲ ﺍﳌــتن ﺍﻻﺑﺪﺍﻋﻲ ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.
ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻘﺮﺃ ﰲ ﺳﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻇﻬﻮﺭ ﺟﻤﺎﻋــﺎﺕ ﻭﻃﻮﺍﺋﻒ ﻋﺪﺓ ﺃﻓﺮﺯﺗﻬﺎ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺍﻟﴫﺍﻉ، ﺍﻧﺤﺮﻓــﺖ ﺑﻬــﺎ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺗﻬــﺎ ﺍﱃ ﻣﺰﺍﻟــﻖ ﺧﻄــﲑﺓ ﻭﺧﺪﺷــﺖ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺃﺻﻮﻟــﻪ ﻭﻋﻘﺎﺋﺪه ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ، ﺫﻟــﻚ ﻟﻜﻮﻥ »ﺍﻷﻧﺎ« ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ »ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ« ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺴــﻠﻄﺔ ﺍﻹﴍﺍﻑ ﻋــﲆ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻹﺭﺍﺩﻳــﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، ﺑين ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﴘ ﻭﺣﺮﻛــﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗــﻊ، ﻭﻳﱰﻛــﺰ ﺩﻭﺭ »ﺍﻷﻧــﺎ« ﰲ ﺣﻔــﻆ ﺍﻟــﺬﺍﺕ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺨﺰﻳﻦ ﺍﻟﺨﱪﺍﺕ ﺍﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬﺎ ﰲ )ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ)ﻭﺑﺘﺠﻨﺐ ﺍﳌﻨﺒﻬــﺎﺕ ﺍﳌﻔﺮﻃﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ )ﺍﻟﻬــﺮﺏ( ﻭﺑﺎﻟﺘــﴫﻑ ﰲ ﺍﳌﻨﺒﻬــﺎﺕ ﺍﳌﻌﺘﺪﻟﺔ ﻋﻦ ﺑﺘﻌﻠﻢ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻼﺕ ًﻃﺮﻳﻖ )ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ( ﻭﺃﺧــﲑﺍ ﳌﺼﻠﺤــﺔ ًﺍﳌﻨﺎﺳــﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﻟــﻢ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟــﻲ ﻭﻓﻘــﺎ »ﺍﻷﻧــﺎ« ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﺸــﺎﻁ، ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ ﰲ ﺳــﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳــﺦ ﺍﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻧﺘﺞ ًﻋﻨﻪ ﻧﺸــﻮﺀ ﺟﻤﺎﻋــﺎﺕ ﻭﻃﻮﺍﺋﻒ ﺃﺣﺪﺛــﺖ ﺗﻌﺪﻳﻼ ﰲ ﻋﺎﳌﻬــﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟــﻲ ﻳﺘﻮﺍﻓــﻖ ﻭﺭﺅﻳــﺔ »ﺍﻷﻧــﺎ« ﻭﻣﺼﺎﻟﺤﻬــﺎ، ﻭﻣﺎﻳــﺰﺍﻝ ﻳﺤــﺪﺙ -ﻛﻤــﺎ ﻻﺣﻈﻨــﺎ ﺫﻟــﻚ- ﰲ ﺟﺪﻟﻴــﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗــﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺍﻻﺳــﻼﻣﻲ ﻭﺳــﻴﻈﻞ ﻳﺤﺪﺙ ﻃﺎﳌــﺎ ﻭﻛﻮﻧﻨﺎ ﺍﻟﻨﻔــﴘ ﺗﺘﺠﺎﺫﺑﻪ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﳌﺘﻀﺎﺩﺓ »ﺍﻟﻬﻮ« )ﺳﻠﻄﺔ ﺍﳌﺎﴈ( ﻭ»ﺍﻷﻧﺎ« )ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ( ﻭ»ﺍﻷﻧﺎ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ« )ﺳﻠﻄﺔ ﺍﳌﺜﻞ ﻭﺍﻻﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ(. ﻭﺑﺎﺳــﺘﺤﻀﺎﺭ ﺍﳌﻤﺎﺛﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﻟﻠﺤﺎﴐ ﻣﻦ ﺑﻤــﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ًﺣﻴﺚ ﺍﳌﺄﺳــﺎﺓ ﻛـ»ﻛﺮﺑــﻼﺀ« ﻣﺜﻼ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ّــﺮ ﻧﺠــﺪ ﺃﻥّﻌﺪ ﺇﻧﺴــﺎﻧﻲ ﻣﺄﺳــﺎﻭﻱ ﻣﺪﻣُﺑ ﺗﻤﺘﻠﺊ ﺑﻤﺨﺰﻭﻥ ﻣﻌﺮﰲ ﻋﻦ »ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ« ﻭﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺩﻗﻴﻘــﺔ ﻭﺟﺰﺋﻴﺎﺕ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺒﻌﺚ ﺍﻹﺣﺴــﺎﺱ ﺑﺎﻷﻟﻢ ﻋــﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺯﻳــﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻮﺗﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﺪﺛــﻪ ﺍﳌﻨﺒﻬﺎﺕ ﺍﱃ ًﻋــﻦ ﻃﺮﻳــﻖ »ﺍﻟﻬــﺮﻭﺏ« ﻭ»ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ« ﻭﺻــﻮﻻ ﺍﻻﺣﺴــﺎﺱ ﺑﺎﻟﻠــﺬﺓ ﻭﻫــﻮ ﻣــﺎ ﻳﻤﻜــﻦ ﻟﻨــﺎ ﻭﺻﻔــﻪ ﺑﺎﻟﻨﺸــﺎﻁ ﺍﻟﺤﺮﻛﻲ ﺍﳌﺼﺎﺣﺐ ﻟـ»ﺍﻟﺤﺴــﻴﻨﻴﺎﺕ« ﻛﺎﻥ ﻻﺑــﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ً ﻣﻨﺎﺳــﺒﺎًﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺗﻌﺪﻳﻼ ﻣﻨﻪ ﺍﱃ ﻭﺍﻗﻊ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﺃﻭ ﺃﻓﻀﻞ.
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺃﻧﺸﻄﺔ »ﺍﻟﺤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ« ﻋﻨﺪ ﺷــﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﻫﻢ ﻣﻦ ﺧﺬﻟﻮﺍ ﺁﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺫﺍﺕ ﻌــﺪ ﻧﻔﴘ ﻋﻤﻴــﻖ ﺗﺘﺠﺎﺫﺑﻪ ﺍﳌﻀــﺎﺩﺍﺕ /ﺯﻳﺎﺩﺓ/ ُﺑ ً ﻟﻼﻧﺘﻘــﺎﻝ ﺃﻭ ﺗﻌﺪﻳﻼًﺧﻔﺾ، ﺃﻟــﻢ/ ﻟــﺬﺓ..، ﺗﻤﻬﻴﺪﺍ ﻟﻠﺸــﻌﻮﺭ ﺍﻟﻄﺎﻏﻲ ﺑﺎﻟﺬﻧــﺐ ﻭﺍﳌﺄﺳــﺎﺓ، ﻭﻗﺪ ﺗﻄﻮﺭ ًﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﺸــﺎﻁ ﺑﻔﻌﻞ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﻃﻘﺴــﺎ ﺑﻠﻎ ﺫﺭﻭﺗﻪ ﺑﺎﳌﺰﺝ ﺑين ﺍﳌﻌﻨﻮﻱ ﻭﺍﻟﺤﴘ ﰲ ًﺗﻌﺒﺪﻳﺎ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺍﱃ ﺍﻷﻟﻢ.
ﻟﻬــﺎ ﻳﺘﺠــﺎﻭﺯ ًﻓـ»ﻛﺮﺑــﻼﺀ« ﺃﺣﺪﺛــﺖ ﺗﻌﺪﻳــﻼ ﻣﺄﺳــﺎﺗﻬﺎ ﻭﻳﺘﻜﻴــﻒ ﻣــﻊ ﻣﻔﺮﺩﺍﺗﻬــﺎ، ﻭﻣﺜﻠﻬــﺎ ﻛﻞ ﺕ ﰲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳــﺦ، ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﻛﺎﺋﻦ ّﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘــﻲ ﻣﺮ ﰲ ﻗــﺪﺭﺓ ﻛﻞ ﺣــﺪﺙ ﻋــﲆ ﺍﻟﺘﺄﺛﲑ ﰲ ﺍﻟﺒﻨــﻰ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.
ﺟﺪﻟﻴــﺔ ﺍﻟﻐﺪﻳــﺮ ّﺴــﺘﻐﺮﺏ ﻟــﻪ ﺃﻥُ ﻣــﺎ ﻳّﺑﻴــﺪ ﺃﻥ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳــﺔ ﺭﻏــﻢ ﻗﺪﺭﺗﻬــﺎ ﻋــﲆ ﺇﺛــﺎﺭﺓ ﺍﳌﻨﺒﻬــﺎﺕ ﻭﻗﺪﺭﺗﻬــﺎ ﻋــﲆ ﺍﻟﺘﻔﺠــﲑ ﻭﺍﻟﺘﻮﻇﻴــﻒ ﻟﻠﺤﺪﺙ ﺇﻻ ، ﻭﻗﺪ ﻇﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ً ﺃﺻﻮﻟﻴــﺎًﻬﺎ ﻟــﻢ ﺗﻨﺘﺞ ﺇﻻ ﺗﻔﺎﻋﻼّﺃﻧ ﺍﻟﻴﺴــﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﻠﻴﱪﺍﱄ ﻭﺍﻟﺤﺪﺍﺛﻲ ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛﻲ ﰲ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤــﺪﺙ ﻭﺇﻓﺮﺍﺯﺍﺗﻪ ﻭﰲ ﺗﻔﺎﻋﻼﺗﻪ، ًﻏﺎﺋﺒﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻧﻪ ﻣﻮﺭﺱ ﺑﺸﻜﻞ ْ بنُﻭﺫﻟﻚ ﺩﺍﻝ ﻋﲆ ﻏ ﻋــﲆ ﻫﻴﻤﻨﺔ ًﺃﻭ ﺑﺂﺧــﺮ ﻋــﲆ ﺍﻟﻌﻘــﻮﻝ، ﻭﺩﺍﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻷﺻــﻮﱄ ﻭﺍﻟﱪﺍﻏﻤﺎﺗــﻲ..
ﻭﺗﻠــﻚ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨــﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴــﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳــﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻧــﺎﺕ ﺍﻟﺘــﻲ ﺍﻧﺘﻬﺠﺘﻬــﺎ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺮﻛﻴﺰﻫﺎ ﻋﲆ ﺳﻴﺎﺳﺔ ً ﺍﱃ ﺍﻟﻌﻘــﻞ، ﻭﺗﺒﻌﺎًﺇﺿﻌــﺎﻑ ﺍﻟﻘــﻮﻯ ﺍﻷﻛــثر ﻣﻴــﻼ ً ﻭﺃﻓﻘﻴﺎً ﺭﺃﺳــﻴﺎًﻟﺘﻠﻚ ﺍﳌﻘﺪﻣﺎﺕ ﻧﺸــﻬﺪ ﺍﻵﻥ ﺗﻤﺪﺩﺍ ﻟﻠﻘــﻮﻯ ﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ًﻟﻸﺻﻮﻟﻴــﺎﺕ ﻭﺍﻧﺤﺴــﺎﺭﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﰲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﻗﺎﺩﻣﺔ.
ﻣﻮﺿــﻮﻉ ﺍﻟﻮﻻﻳــﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺿﻮﻋــﺎ ﺟﻮﻫﺮﻳــﺎ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻻﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺳــﻴﺎﻗﻪ ﺍﻟﺘﻘﺎﻃﻌــﻲ ﺳــﺒﺒﺎ ﻣﺒــﺎﴍﺍ ﰲ ﺗﺸــﻈﻲ ﺍﻟﻔﻜــﺮﺓ ﻭﺗﻌﺪﺩﻫــﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﺻــﻮﻝ ﺍﱃ ﺟﻮﻫــﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘــﺔ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻋﻦ ﺗﻔﺴﲑه ﻭﺑﻴﺎﻥ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ.
ﻭﻣﻦ ﺧــﻼﻝ ﺗﺤﻠﻴــﻞ ﺍﻟﻨﺼــﻮﺹ ﺍﻻﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ﻗﺪ ﻧﺜﲑ ﺳــﺆﺍﻻ ﺭﺑﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟــﺔ ﺍﱃ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ﺑﻌﻴــﺪ ﻟﻌﻠﻨــﺎ ﻧﻌﻴﺪ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻧﺴــﻘﻨﺎ ﻭﻧﻌﻴــﺪ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ.
ﻓﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴــﻔﻴﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺸﻴﻌﻲ – ﻛﻤﺎ ﻳﻘــﻮﻝ ﺍﻟﱪﺩﻭﻧﻲ – ﺃﻋﻤﻖ ﻓﻜــﺮﺍ , ﻭﺃﺟﻤﻞ ﻭﻗﻌﺎ , ﻭﺃﻗﻮﻯ ﺗﺄﺛﲑﺍ.
ﺷﻌﺮ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ: ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﱪﺩﻭﻧــﻲ ” ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻌــﺔ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻭﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻭﺷــﻌﺮ , ﺃﻣﴣ ﺍﻻﺳــﻠﺤﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤين , ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺍﺛﻲ ”ﺩﻋﺒﻞ ” ﻭ“ﺍﻟﴩﻳﻒ ﺍﻟﺮﴈ“ ﻟﻠﺤﺴين ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺍﱃ ﺃﺷــﻌﺎﺭ ﺍﻟﻬﺒﻞ ﰲ)ﺛﻠــﺐ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴــﻘﻴﻔﺔ( ﻭﺍﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﺨﻠﻔــﺎﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ , ﻟﻬﺬﺍ ﺗﺰﺍﻳﺪﺕ ﺍﻟﺸــﻌﺎﺭﺍﺕ ﻋﲆ ﻫــﺬﺍ ﺍﻻﺳــﺎﺱ ﻓﻜﺎﻧــﺖ ﺃﻧﺎﺷــﻴﺪ ﺍﻻﻋــﺮﺍﺱ ﻭﺩﻓﻦ
ﺍﳌﻮﺗــﻰ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﺸــﻴﻌﻴﺔ ” ﻛﺘﺎﺏ ”ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻳﻤﻨﻴﺔ ”ﺹ 303ﻁ2.
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﺭﺍﺑﻄﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﰲ ﺍﻻﺷــﺘﻐﺎﻝ ﻋﲆ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺍﳌﺜﺎﺭﺓ ﺑين ﺍﳌﺬﺍﻫﺐ ﻓﺤين ﺗﺤﻜﻢ ﺍﻟﺰﻳﺪﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﺑﺎﻟﴬﻭﺭﺓ ”ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ ﺍﻟﺸــﻌﺎﺋﺮ ﺍﻟﺸــﻴﻌﻴﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧــﺖ ﻻ ﺗﻈﻬــﺮ ﺍﻟﺘﺤﻴﺰ ﺍﱃ ﺃﻱ ﺟﺎﻧــﺐ , ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺸــﻌﺐ ﺍﻟﻴﻪ , ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻴﻢ ﺍﻟﺸﻌﺎﺋﺮ ﺍﻟﺸــﻴﻌﻴﺔ )ﻛﻌﻴــﺪ ﺍﻟﻐﺪﻳــﺮ( ﻭﻻﺀ ﻟﻌــﲇ ﺍﺑــﻦ ﺍﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻛﺮﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺷــﻌﺎﺋﺮ ﺍﻟﻌﺎﴍ ﻣﻦ ﻣﺤﺮﻡ ﺗﻜﺮﻳﻤﺎ ﻟﻠﺤﺴــين , ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻹﺷــﺎﺭﺓ ﺍﱃ ﺃﻥ ﺍﻻﻣــﺎﻡ ﻳﺤﻴــﻰ ﺣﻤﻴــﺪ ﺍﻟﺪﻳــﻦ )ﺣﻜﻢ ﻣــﻦ 8191ﻡ ﺍﱃ 8491ﻡ( ﺣــﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻮﺟــﺪ ﺗﻌــﺎﺩﻻ ﺑــين ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺸــﻌﺎﺋﺮ ﻓﺄﻗــﺎﻡ ﺍﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻐﺪﻳــﺮ ﻋﻴﺪ ﺃﻭﻝ ﺭﺟــﺐ ﺍﻋﺘﻤــﺎﺩﺍ ﻋﲆ ﺑﻌــﺾ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳــﺎﺕ , ﺃﻥ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﺒــﻲ ﻭﺻﻞ ﺍﱃ ﺍﻟﻴﻤــﻦ ﰲ ﺃﻭﻝ ﺟﻤﻌــﺔ ﻣﻦ ﺭﺟﺐ ﻓﺪﺧﻞ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﰲ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ , ﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﻋﻨﻒ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺑين ﺍﻟﺴــﻨﺔ ﻭﺍﻟﺸــﻴﻌﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸــﻌﺮ ﺃﻓﺘﻚ ﺳــﻼﺡ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﺠﺪﻝ“ ﻛﺘــﺎﺏ ” ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻳﻤﻨﻴﺔ ” ﺹ 982.
ﻓﻤــﺎﺫﺍ ﻗــﺎﻝ ﺷــﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺪﻳــﺎﺭ ﺍﻟﻴﻤﺎﻧﻴــﺔ ﰲ ﺧﻀﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻌﺮﻛﺔ ﰲ ﺃﺷﻌﺎﺭﻫﻢ ؟ ﰲ ﺳــﻴﺎﻕ ﺍﻟﺠــﺪﻝ ﻳﻘــﻮﻝ ﻣﺤﻤــﺪ ﺑــﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤــﲑﻱ )ﻭﻫﻮﻣــﻦ ﺷــﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻻﻭﻝ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ(: ﺑـــﺤـــﻖ ﻣــﺤــﻤــﺪ ﻗــــﻮﻟــــﻮﺍ ﺑــﺤــﻖ ﻓــــﺈﻥ ﺍﻻﻓــــﻚ ﻣـــﻦ ﺷــﻴــﻢ ﺍﻟــﻠــﺌــﺎﻡ ﻣــﺤــﻤــﺪ ﺑـــﺄﺑـــﻲ ﻭﺃﻣــــﻲَﺃﺑــــﻌــــﺪ ﺭﺳــﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺫﻱ ﺍﻟــﴩﻑ ﺍﻟﺘﻬﺎﻣﻲ؟ ﺃﻓــﻀــﻞ ﺧــﻠــﻖ ﺭﺑــﻲّﺃﻟــﻴــﺲ ﻋـــﲇ ﻭﺃﴍﻑ ﻋــﻨــﺪ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﺍﻷﻧـــﺎﻡ؟ ًﻭﻻﻳـــﺘـــﻪ ﻫـــﻲ ﺍﻹﻳــــﻤــــﺎﻥ ﺣــﻘــﺎ ﻓـــﺬﺭﻧـــﻲ ﻣـــﻦ ﺃﺑــﺎﻃــﻴــﻞ ﺍﻟــﻜــﻼﻡ ﻭﻃــــﺎﻋــــﺔ ﺭﺑـــــﻲ ﻓــﻴــﻬــﺎ ﻭﻓــﻴــﻬــﺎ ﺷـــﻔـــﺎﺀ ﻟــﻠــﻘــﻠــﻮﺏ ﻣـــﻦ ﺍﻟــﺴــﻘــﺎﻡ ﻓﺎﻟﺠــﺪﻝ ﺍﻟﺸــﻌﺮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺤﻤــﲑﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﲆ ﺣﺮﻛــﺔ ﺍﳌﻮﺍﺯﻧــﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻀﻴﻞ، ﻭﻫﻲ ﻇﺎﻫــﺮﺓ ﻓﻜﺮﻳﺔ ﻧﺸــﺄﺕ ﰲ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﻬﺠــﺮﻱ، ﻭﻟﺬﻟــﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳌﻮﺍﺯﻧــﺔ ﻧﻘﻠﻴــﺔ ﺗﻌﺘﻤــﺪ ﺍﳌﻘﻴــﺎﺱ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋــﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘــﺎﰲ ﺍﻟﺴــﺎﺋﺪ ﰲ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﺰﻣﻦ، ﻓﺠــﺎﺀ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﻋــﻦ ﺍﳌﺴــﺘﻮﻯ ﺍﻟﺜﻘــﺎﰲ , ﺃﻣــﺎ ﺍﻟﺸــﺎﻋﺮ ًﺗﻌﺒــﲑﺍ ﺇﺳــﻤﺎﻋﻴﻞ ﺍﻟﺤﻤــﲑﻱ )ﻭﻫــﻮ ﻣــﻦ ﺷــﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ( ﻓــﻜﺎﻥ ﺟﺪﻟﻪ ﺟﺪﻻ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﲆ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﻋﲆ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻧﺼﻪ: ﺃﻣـــﲑ ﺍﳌــﺆﻣــﻨــين ﺃﺧـــﻮ ﻫــﺪﻯّﻋـــﲇ ﻭﺃﻓﻀﻞ ﺫﻱ ﻧﻌﻞ ﻭﻣــﻦ ﻛــﺎﻥ ﺣﺎﻓﻴﺎ ﺇﻟــﻴــﻪ ﺃﺣــﻤــﺪ ﺍﻟــﻌــﻠــﻢ ﺟﻤﻠﺔّﺃﴎ ﻭﻛــــﺎﻥ ﻟـــﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﻟـــﱪﻳـــﺔ ﻭﺍﻋــﻴــﺎ ﻭﺩﻭﻧـــــﻪ ﰲ ﻣــﺠــﻠــﺲ ﻣــﻨــﻪ ﻭﺍﺣـــﺪ ﺑــﺄﻟــﻒ ﺣــﺪﻳــﺚ ﻛﻠﻬﺎ ﻛـــﺎﻥ ﻫــﺎﺩﻳــﺎ ﻭﻛـــﻞ ﺣــﺪﻳــﺚ ﻣــﻦ ﺃﻭﻟــﺌــﻚ ﻓﺎﺗﺢ ﻟــﻪ ﺃﻟــﻒ ﺑــﺎﺏ ﻓﺎﺣﺘﻮﺍﻫﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻴﺎ ﻓﺎﻟﺠــﺪﻝ ﻫﻨــﺎ ﺃﺧﺬ ﻣﺴــﺎﺭ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻣــﻦ ﺧﻼﻝ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻠﻘــﻲ ﺍﳌﺒﺎﴍ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳــﻮﻝ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼــﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴــﻼﻡ، ﻭﺟــﺎﺀ ﺍﻟﺘﻔﻀﻴــﻞ ﻣــﻦ ﺧﻼﻝ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ ﺍﻟﻌﻠﻤــﻲ ﻭﺍﳌﻌﺮﰲ، ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻟﺸــﺎﻋﺮ ﰲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻳﻤﺘﺎﺡ ﻣﻦ ﺑﱤ ﺯﻣﻨﻪ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﻭﻣﺴــﺘﻮﻯ ﺍﻟﺠــﺪﻝ ﻓﻴــﻪ ﻓــﻜﺎﻥ ﺗﻌﺒــﲑﺍ ﻋــﻦ ﺗﻠــﻚ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﰲ ﻣﺴﺘﻮﺍﻫﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺩﻋﺒﻞ ﺍﻟﺨﺰﺍﻋﻲ )ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟــﺚ ﺍﻟﻬﺠــﺮﻱ( ﻓﺈﻧــﻪ ﻣﻦ ﺧــﻼﻝ ﻧﺼﻪ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﻜﻴــﻒ ﻣﻊ ﻭﺍﻗﻊ ﺯﻣﻨﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﺘﺬﻛــﺮ ﻫﺮﻭﺑﺎ ﻣﻦ ﻗﺴــﻮﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻣــﻼ ﰲ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺳﱰﺟﺎﻉ ﺍﳌﺎﴈ ﻭﻫﻮ ﻭﺍﻗﻊ ﻳﺮﺍه ﻣﺜﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻳﻘﻮﻝ: ﺳــﻘــﻴــﺎ ﻟــﺒــﻴــﻌــﺔ ﺃﺣــﻤــﺪ ﻭﻭﺻــﻴــﻪ ﺃﻋــﻨــﻲ ﺍﻹﻣــــﺎﻡ ﻭﻟــﻴــﻨــﺎ ﺍﳌــﺤــﺴــﻮﺩﺍ ﺃﻋــﻨــﻲ ﺍﻟـــﺬﻱ ﻧــﴫ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﻗــﺒــﻞ ﺍﻟـــﱪﻳـــﺔ ﻧــﺎﺷــﺌــﺎ ﻭﻭﻟـــﻴـــﺪﺍ ﺃﻋﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺸﻒ ﺍﻟﻜﺮﻭﺏ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ ﺍﻟــﺤــﺮﺏ ﻋــﻨــﺪ ﻟــﻘــﺎﺋــﻪ ﺭﻋــﺪﻳــﺪﺍ ــﺪِّــﺪ ﻗــﺒــﻞ ﻛــﻞ ﻣــﻮﺣِّﺃﻋــﻨــﻲ ﺍﳌــﻮﺣ ﻻ ﻋـــﺎﺑـــﺪﺍ ﻭﺛـــﻨـــﺎ ﻭﻻ ﺟــﻠــﻤــﻮﺩﺍ
ﻓﺪﻋﺒــﻞ ﻫﻨــﺎ ﻳﺤﺎﻛــﻢ ﺳﺎﺳــﺔ ﺯﻣﻨــﻪ ﻣــﻦ ﺑﻨﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﻣﻦ ﺧــﻼﻝ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﺘﺬﻛﺮ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﻤﻠﺖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳــﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳــين ﻋﻤــﻼ ﻓﻀﻴﻌــﺎ , ﻭﺍﻟﻨﺺ ﰲ ﻇﺎﻫــﺮه ﻳﺒــﺪﻭ ﺭﺛــﺎﺀ ﰲ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋــﲇ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻭﻓﻖ ﻧﻈﺮﻳــﺔ ﺍﻟﺘﻠﻘــﻲ ﻳﻬﺠــﻮ ﺯﻣﻨــﻪ ﰲ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺴــﻴﺎﻕ، ﻭﻫﻮ ﺍﺳــﺘﻨﻄﺎﻕ ﻟﻠﺒﻌﺪ ﺍﻻﺧﻼﻗــﻲ ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻓﺴــﺪﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳــﻴﺔ ﰲ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳين ﻛﻤﺎ ﺗﺪﻝ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﴪﺩﻫﺎ ﻛﺘﺐ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ ﺩﻋﺒﻞ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﴫﻳﺢ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ: ﺃﺭﻯ ﺃﻣــﻴــﺔ ﻣــﻌــﺬﻭﺭﻳــﻦ ﺇﻥ ﻏــﺪﺭﻭﺍ ﻭﻻ ﺃﺭﻯ ﻟﺒﻨﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﻣــﻦ ﻋﺬﺭ ــﺎ ﺯﺍﺩ ﺭﻛﺎﻡ ﺍﻟﺘﻮﺗــﺮ ﺑﻔﻌــﻞ ﺍﻟﺘﻜﺎﺛــﻒ َّ” ﻭﳌ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋــﻲ ﺍﳌﻨﻌﻜــﺲ ﻋــﲆ ﺍﻟﻨﻔــﺲ ﻭﺍﻟﺘﻌﻘــﺪ ﺍﻟﺤﻀــﺎﺭﻱ ﺑﺎﻟﺘــﺪﺭﺝ ﻧﺸــﺄ ﺍﻟﺤــﺲ ﺑﺎﻟﺴــﻠﻄﺔ ﻛﺈﺷﺒﺎﻉ ﻟﺠﻮﻉ ﺍﻟﺘﻮﺗﺮ , ﻷﻥ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻫﻲ ﺍﳌﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋــﲆ ﻣﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﻔﻨــﻮﻥ ” ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺗﻨــﺪﺭ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ، ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻟﻬــﺎ ﻏﺮﺽ ﺟﺪﻳــﺪ ﻳﺘﺴــﻖ ﻭﺍﳌﺮﺍﺣــﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺻﻞ ﻓﻴﻬــﺎ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﻮﻥ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﰲ ﺍﻟﻘــﲑﻭﺍﻥ ﻭﰲ ﻣﴫ ﻭﰲ ﺍﻟﻴﻤــﻦ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻧﻜﺎﺩ ﻧﻠﻤﺲ ﻋﻮﺩﺓ ﻟﺸــﻌﺮ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳــﺔ ﺇﻻ ﰲ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻟﻌــﺎﴍ ﺍﻟﻬﺠــﺮﻱ ﻋﻨــﺪ ﺍﻟﺸــﺎﻋﺮ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻮﺯﻳــﺮ ﻭﻫﻲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺗﻘﻮﻡ ﻋــﲆ ﺗﻨﻈــﲑ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﻓــﻖ ﺃﻭﺛــﻖ ﺣﻜﺎﻳﺎﺗﻬﺎ ﻭﻣﺮﻭﻳﺎﺗﻬــﺎ ﺍﻟﻨﺼﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻴﻤﻴــﺔ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺟﺪﻻ ﻣﻌﺮﻓﻴﺎ ﻣﺴــﺘﻨﺪﺍ ﺇﱃ ﺃﻭﺛــﻖ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻨﻘﻠﻴﺔ..
ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ: ﺃﻋــﻨــﻲ ﻋﻠﻴﺎ ﺃﻣـــﲑ ﺍﳌــﺆﻣــﻨــين ﻭﻣــﻦ ﺑﺎﻟﻌﻄﻒ ﺧﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺴﻢ
ﺍﻟـــﻠـــﻪ ﺃﻧــــــﺰﻝ ﺁﻳــــــﺎﺕ ﻣــﺒــﺎﺭﻛــﺔ ﰲ ﻓﻀﻠــﻪ ﻋﺪﻫــﺎ ﱄ ﻏــﲑ ﻣﻨﺘﻈــﻢ ﻭﻗـــﺎﻝ ﻓــﻴــﻪ ﺭﺳـــﻮﻝ ﺍﻟــﻠــﻪ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻳــﻮﻡ ﺍﻟﻐﺪﻳــﺮ ﺑﺨــﻢ ﻳــﻮﻡ ﺣﺠﻬــﻢ ُّﻣــﻦ ﻛﻨﺖ ﻣــﻮﻻه ﺃﻱ ﺃﻭﱃ ﺑــﻪ ﻓﻌﲇ ﺃﻭﱃ ﺑــﻪ ﻭﻫــﻮ ﻣﻮﻻﻫــﻢ ﺑﻜﻠﻬــﻢ ﻗــﺎﻡ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺧﻄﻴﺒﺎ ﰲ ﻣﻌﺴﻜﺮه ﺑﻬــﺬه ﺍﻟﺨﻄﺒــﺔ ﺍﻟﻐــﺮﺍﺀ ﻟﺠﻤﻌﻬــﻢ ﻭﺷﺎﻝ ﺇﺻﺒﻌﺎ ﻛﺮﻳﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺴﻦ ﰲ ﻳــﻮﻡ ﺣــﺮ ﺷــﺪﻳﺪ ﺍﻟﻠﻔــﺢ ﻣﻀﻄــﺮﻡ ﻛــﻲ ﻻ ﻳــﻘــﺎﻝ ﺑـــﺄﻥ ﺍﻟــﻨــﺺ ﻣﻜﺘﺘﻢ ﻣــﺎ ﻛﺎﻥ ﺇﻻ ﴏﻳﺤــﺎ ﻏــﲑ ﻣﻜﺘﺘــﻢ ﺔ ﰲ ﻣﻮﺿــﻮﻉ َّﻓﺎﻟﺠــﺪﻝ ﺑــين ﺍﻟﺸــﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺴــﻨ ﺍﻟﻮﻻﻳــﺔ ﻭﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻭﺍﻟﱪﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺴــﻊ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺗﺴــﻌﺖ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﺗﻄﻮﺭﺕ ﺍﳌﺴﺘﻮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻳﺔ، ﺑﻴــﺪ ﺃﻥ ﺍﳌﺎﴈ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﴬ ﺑــﻜﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﺪﻟﻴــﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﺠﺪ ﺗﻄﻮﺭﺍ ﰲ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﺸــﻌﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻈــﺮﺓ ﺍﻟﻔﻠﺴــﻔﻴﺔ ﺗﺘﺴــﻖ ﻭﻣﻌﻄﻴــﺎﺕ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳــﺪ ﺑﻞ ﺗﺠﱰ ﺍﻟﺠــﺪﻝ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﺗﻌﻴــﺪ ﺑﻌﺜﻪ ﰲ ﺫﺍﺕ ﺍﳌﺪﺍﺭ..
ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﴩ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﻧﺠﺪ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻮﻻﻳــﺔ ﰲ ﺍﻟﺮﺅﻳــﺔ ﺍﻟﺸــﻌﺮﻳﺔ ﻳﺘﺤــﻮﻝ ﺇﱃ ﺣﻠﻮﻝ ﺻﻮﰲ ﻭﻭﺟﺪ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻧﻔﺴــﻪ ﰲ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻭﻳﺘﻤﺎﻫﻰ ﻣﻌﻬــﺎ ﻛﻤــﺎ ﰲ ﻧــﺺ ﺍﻟﺸــﺎﻋﺮ ﺑــﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳــﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺼﻨﻌﺎﻧــﻲ ﻭﻛﺬﻟــﻚ ﰲ ﻧــﺺ ﺟﻌﻔــﺮ ﺍﻟﺠﺮﻣﻮﺯﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ: ﺇﻣــﺎ ﴎﺗﻤﺎ ﻓــﺎﺯﺟــﺮﺍ ﺑﻨﺎ ﺍﻝّﺧﻠﻴﲇ ﻣﻄﻲ ﻭﺳــﲑﺍ ﺣﻴﺚ ﺳــﺎﺭ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﺐ ﻭﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺍﻟــﻮﺍﺷــﻮﻥ ﺇﻧــﻲ ﻓﻴﻜﻤﺎ ﺣﻠﻴﻒ ﺟﻮﻯ ﻗﺪ ﺃﺿﻤﺮﺗﻨﻲ ﺍﻟﺤﻘﺎﻳﺐ ﺇﱃ ﺍﻟــﺤــﻲ ﻻ ﻣﺴﺘﺄﻧﺴين ﺑﻘﺎﻃﻦ ﺑــﺮﻳــﺐ ﻭﺃﻫـــﻞ ﺍﻟــﺤــﻲ ﺁﺕ ﻭﺫﺍﻫـــﺐ ﻓــﺈﻥ ﺷﻤﺘﻤﺎ ﺑﺮﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻲ ﻻﺋﺤﺎ ﻣﺘﻰ ﻳﺒﺪﻭ ﻣﻨﻪ ﺣﺎﺟﺐ ﻳﺨﻒ ﺣﺎﺟﺐ ﻓــﻼ ﺗﺤﺴﺒﺎه ﺑــﺎﺭﻗــﺎ ﻻﺡ ﺑﺎﻟﺤﻤﻰ ﻣﺘﻰ ﻃﻠﻌﺖ ﺑين ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺍﻟﺴﺤﺎﺋﺐ ﻭﻟـــﻜـــﻨـــﻪ ﺛـــﻐـــﺮ ﺗــــﺄﻟــــﻖ ﺟـــﻮه ﻣــﻦ ﺍﻟـــﺪﺭ ﺳــﻤــﻂ ﻟــﻢ ﻳﻘﺒﻪ ﺛﺎﻗﺐ ﻭﻋــﲆ ﻣﺜــﻞ ﺫﻟﻚ ﺳــﺎﺭ ﺷــﻌﺮ ﺍﻟﺤﺴــﻦ ﺍﻟﻬﺒﻞ ﺣﻠﻮﻻ ﺻﻮﻓﻴﺎ ﰲ ﺫﺍﺕ ﻣﻦ ﺗﺤﺐ: ﻟـــﻮ ﻛــــﺎﻥ ﻳــﻌــﻠــﻢ ﺃﻧــﻬــﺎ ﺍﻟــﺤــﺪﺍﻕ ﻳـــﻮﻡ ﺍﻟــﻨــﻘــﺎ ﻣــﺎ ﺧــﺎﻃــﺮ ﺍﳌــﺸــﺘــﺎﻕ ﺟﻬﻞ ﺍﻟــﻬــﻮﻯ ﺣﺘﻰ ﻏــﺪﺍ ﰲ ﺃﴎه ﻭﺍﻟــــﺤــــﺐ ﻣــــﺎ ﻷﺳــــــﲑه ﺇﻃــــﻼﻕ ﺃﻣــﺎ ﰲ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧــﻲ ﻋــﴩ ﺍﻟﻬﺠــﺮﻱ ﺍﻟــﺬﻱ ﺷــﻬﺪ ﻭﻻﺩﺓ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺴــﻠﻔﻴﺔ ﻋﲆ ﻳﺪ ﻣﺆﺳﺴــﻬﺎ ﻣﺤﻤــﺪ ﺑــﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻮﻫــﺎﺏ، ﻭﻫﻲ ﺣﺮﻛــﺔ ﺗﻮﺣﻴﺪﻳﺔ ﺳﻠﻔﻴﺔ ﺧﺎﺿﺖ ﺟﺪﻻ ﻭﺍﺳــﻌﺎ ﰲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺴــﻴﺎﳼ ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺗﻤﺪﺩ ﻭﺍﺳﻊ ﰲ ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﻫﻲ ﺻﻨﺎﻋــﺔ ﺍﺳــﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴــﺔ ﺑﻬــﺪﻑ ﺗﻘﻮﻳﺾ ﺳــﻠﻄﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟــﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴــﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺩﻋــﻢ ﻣﺎﺩﻱ ﻛﺒﲑ ﻭﻭﺻﻞ ﺗﺄﺛﲑﻫــﺎ ﺍﱃ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﺗﺒﺎﻋﻬﺎ، ﻭﻟﺬﻟــﻚ ﻣــﺎﻝ ﺍﻟﺸــﻌﺮﺍﺀ ﺍﱃ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﻓﻜــﺮﺓ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳــﺔ ﺗﺄﺻﻴــﻼ ﺷــﻌﺮﻳﺎ ﻳﺘﺴــﻢ ﺑــﺮﻭﺡ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺔ ﻛﻤــﺎ ﻧﺠﺪ ﺫﻟﻚ َّﺠُﺍﻟﻬــﺎﺩﺉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳــﺪ ﺑﻠﻮﻍ ﺍﻟﺤ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺴﻤﺤﻲ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: ﺍﳌـــﺮﺗـــﴣ ﺻــﻨــﻮ ﺍﻟــﻨــﺒــﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺣــﺴــﺎﻣــﻪ ﺍﳌـــﺎﴈ ﻋــﲆ ﺍﻟﺤﺪﺛﺎﻥ ﻓـــﺎﺭﻭﻕ ﻣــﺎ ﺑــين ﺍﻟــﻀــﻼﻟــﺔ ﻭﺍﻟــﻬــﺪﻯ ﻭﻣـــﺒـــين ﻛــــﻞ ﻣـــﺆﻳـــﺪ ﺍﻟـــﱪﻫـــﺎﻥ ﻣﻦ ﻳﻘﺘﺒﺲ ﻧــﻮﺭ ﺍﻟﴩﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ ﻣــﻨــﻪ ﻓــﻘــﺪ ﺃﻭﰱ ﻋـــﲆ ﺭﺿــــﻮﺍﻥ ﺃﻣﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻻﻣﲑ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻮﻫﺎﺑﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﻗﺼﻴﺪﺗــﻪ ﻛﺒﻴــﺎﻥ ﻳﻮﺿــﺢ ﻣﻮﻗﻔــﻪ ﰲ ﻇــﻞ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺍﻟﻔﻜــﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺳــﺎﺋﺪﺍ ﰲ ﺯﻣﻨﻪ ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻮﻻﻳــﺔ ﻭﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻮﻻﺀ ﻭﺍﻟﱪﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺎﺽ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻔﻜــﺮ ﺍﻻﺳــﻼﻣﻲ ﺟﺪﻻ ﻭﺍﺳــﻌﺎ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺍﺳــﺘﻬﻞ ﻧﺼﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﺗــﺤــﻔــﺔ ﺗــﻬــﺪﻯ ﳌــﻦ ﻳــﻬــﻮﻯ ﻋﻠﻴﺎ ﻣــﻦ ﺭﻗـــﻰ ﺷـــﺄﻭﺍ ﻣــﻦ ﺍﳌــﺠــﺪ ﻋﻠﻴﺎ ﻭﻗﺪ ﺃﳌﺢ ﺍﻟﺸــﺎﻋﺮ ﻳﺤﻴــﻰ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺟﺤﺎﻑ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: ﺛــﻢ ﻭﺍﰱ ﻳـــﻮﻡ ﺍﻟــﻐــﺪﻳــﺮ ﻭﻧــﺎﻫــﻴــﻚ ﺑــﻴــﻮﻡ ﻳــﺸــﻜــﻮ ﻣـــﻦ ﺍﻟـــﻘـــﻮﻡ ﻏـــﺪﺭﺍ ﻗـــﺪ ﺍﺗــــﻰ ﺯﺍﺋــــــﺮﺍ ﻳـــﻮﺑـــﺦ ﻗــﻮﻣــﺎ ﺃﻭﺳـــﻌـــﻮه ﺑــﻐــﻴــﺎ ﻭﺧــﺪﻋــﺎ ﻭﻣــﻜــﺮﺍ ﺟــﺤــﺪﻭﺍ ﻓﻀﻠﻪ ﻭﻓــﻀــﻞ ﺇﻣـــﺎﻡ ﻛﺎﻥ ﺃﻭﱃ ﺑــﺎﻟــﺴــﺒــﻖ ﻣــﻨــﻬــﻢ ﻭﺃﺣـــﺮﻯ ﻭﻗﺪ ﺍﻣﺘﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴــﺠﺎﻝ ﺍﱃ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﻭﺍﺗﺴﻌﺖ ﺩﺍﺋﺮﺗﻪ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﻦ ” ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﰲ ﺃﺣﻜﺎﻣﻬﻢ ﻋﲆ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﴫﻳﺤﺔ ﺔ , ﻓــﺈﺫﺍ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﺍﻟﺸــﻴﻌﺔ ﻋﲆ َّﻣــﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴــﻨ )ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳــﻠﻴﻤﺎﻥ( ﺻﺎﺣﺐ )ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﻳﺔ.. ﻭﻧﻮﺭ ﺍﻟﻴﻘين( ﺍﻋﺘﻤﺪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﲆ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﺻﺎﺣﺐ )ﺍﻟﻔﺘــﺢ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ(..ﻭ)ﻧﻴــﻞ ﺍﻻﻭﻃﺎﺭ(ﻭﺇﺫﺍ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺸــﻴﻌﺔ )ﺑﻤﺤﻤﺪ ﻋﻘﻴﻞ ﺍﻟﺴﻘﺎﻑ( ﺻﺎﺣﺐ )ﺍﻟﻨﺼﺎﺋــﺢ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ( ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺴــﻨﻴﻮﻥ )ﺑﺎﳌﻘﺒﲇ(، ﺻﺎﺣــﺐ )ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺸــﺎﻣﺦ(، ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺣﺘﺞ ﺍﻟﺸــﻴﻌﺔ ﺔ ﺑﺎﻟﺠــﻼﻝ ﺻﺎﺣﺐ )ﺿﻮﺀ َّﺑﺎﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﺣﺘﺞ ﺍﻟﺴــﻨ ﺔ ﻣﺴﺘﻘﻴﺎﺕ ﺛﺮﺓ ﻣﻦ َّﺍﻟﻨﻬﺎﺭ( ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺴــﻨ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺭﺟﺎﻟﻪ ﻭﻛﺘﺐ ﺃﻣﻬﺎﺗﻪ ,ﻭﻟﻜﻲ ﻳﺼﺒﺢ
ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺃﺣﺪ ﺃﺳﻠﺤﺘﻬﻢ ﺻﺎﺭﻋﻮﺍ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ: ﻫﻠﻤــﻮﺍ ﺇﻟﻴﻨــﺎ ﻣﻌــﴩ ﺍﻟﺮﻓــﺾ ﺇﻥ ﻳﻜــﻦ ﻛﺪﻳﻨﻨــﺎ ٌﻟﻜــﻢ ﻣﻌــﴩ ﺍﻹﻧﺼــﺎﻑ ﺩﻳــﻦ ﻣﺪﺣﻨــﺎ ﻋﻠﻴــﺎ ﻓــﻮﻕ ﻣــﺎ ﺗﻤﺪﺣﻮﻧــﻪ ﻭﺃﻧﺘــﻢ ﺳــﺒﺒﺘﻢ ﺻﺤــﺐ ﺃﺣﻤــﺪ ﺩﻭﻧﻨــﺎ ﺃﻭ ﻣﺜﻞ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺠﻼﻝ: ﺇﺫﺍ ﺟـــﺎﺩﻟـــﺘـــﻪ ﺑـــﻜـــﻼﻡ ﺭﺑـــﻲ ﺃﺟــــﺎﺏ ﻣـــﺠـــﺎﺩﻻ ﺑــﻜــﻼﻡ ﻳﺤﻴﻰ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴــﻼﺡ ﺍﻟﺸــﻌﺮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸــﻴﻌﺔ ﺃﻓﺘﻚ.. ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻗﺼﻴﺪﺓ )ﻻﺑﻦ ﺣﺮﻳﻮﺓ( ﰲ ﻫﺠﻮ ﺍﻟﺸــﻮﻛﺎﻧﻲ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻟﻠﻬﺒﻞ ﰲ ﻫﺠﻮ ﺍﳌﻘﺒﲇ، ﻟﻜﻦ ﺍﳌﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺸﻴﻌﻲ ﺃﻋﻤﻖ ﻓﻜﺮﺍ ﻭﺃﺟﻤﻞ ﻭﻗﻌﺎ , ﻭﺃﻗﻮﻯ ﺗﺄﺛﲑﺍ“ ﺍﻟﱪﺩﻭﻧﻲ – ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻳﻤﻨﻴﺔ ﺹ 392ﻁ2.
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﱪﺍﻋــﺔ ﰲ ﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﻤﻮﺡ , ﻭﻟــﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﻣﺮﺗﺒﻄــﺎ ﺑﺎﻟﻌﺮﻕ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﱪﺩﻭﻧــﻲ ﰲ ﺍﳌﺼــﺪﺭ ﺍﻟــﺬﻱ ﺃﴍﻧــﺎ ﺍﻟﻴــﻪ، ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﻬﺎﺷﻤﻲ ﻣﺘﺸــﻴﻌﺎ ﺑﺎﻟﴬﻭﺭﺓ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻘﺤﻄﺎﻧﻲ ﻣﺘﺴــﻨﻨﺎ ﺑﺎﻟﴬﻭﺭﺓ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﺪﺍﻝ ﺟﺪﺍﻻ ﻓﻜﺮﻳﺎ ﺑﺤﺘــﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻈــﺮ ﺍﱃ ﺍﻟﻌــﺮﻕ ﻭﻛﺎﻥ ﻣــﻦ ﺳــﻤﺎﺕ ﻭﺧﺼﺎﺋــﺺ ﻛﻞ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴــﺔ ﻭﻣﻦ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋــﲆ ﻭﺟــﻪ ﺍﻟﺨﺼــﻮﺹ ﰲ ﺍﻟﻴﻤــﻦ ﻓﺜﻤــﺔ ﻋﺎﻣــﻞ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ ﻳﺮﺑﻂ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺑﺎﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻱ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟــﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ ﺍﻻﻣــﺎﻡ ﻋﲇ ﻛﺮﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺟﻬﻪ ﰲ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻻﺳﻼﻣﻴﺔ.
ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻧين ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋﴩ ﺍﻟﻬﺠﺮﻳين ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠــﺪﻝ ﻗــﺪ ﻭﺻــﻞ ﺍﻭﺟــﻪ ﻟﻮﺟــﻮﺩ ﻋﺎﻣﻠــين ﺳﻴﺎﺳــﻴين ﻫﻤﺎ ﺍﻟﺒــﺎﺏ ﺍﻟﻌــﺎﱄ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻭﴏﺍﻋﻪ ﺍﻟﺜﻘــﺎﰲ ﻭﺍﻟﺴــﻴﺎﳼ ﻣــﻊ ﺃﻫــﻞ ﺍﻟﻴﻤــﻦ ﻭﺍﻟﺪﻋــﻮﺓ ﺍﻟﻮﻫﺎﺑﻴــﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤــﺪﺩﺕ ﻣﻦ ﺧــﻼﻝ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ ﻟﻠﻤﺴــﺘﻌﻤﺮ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻲ ﺍﻟــﺬﻱ ﺗﺪﺍﺧﻠﺖ ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴــين ﰲ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺑﻘــﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻭﺻﻞ ﺃﺛــﺮ ﺗﻠــﻚ ﺍﻟﺪﻋــﻮﺓ ﺍﱄ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺗﺮﻛﺖ ﺃﺛــﺮﺍ ﻭﺟﺪﻻ، ﻓﺎﳌﺴــﺘﻌﻤﺮ ﻛﺎﻥ ﻳﺨــﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻛــﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﻭﻡ ﻣــﻦ ﺃﻥ ﺗﻤﺘﺪ ًﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴــين ﰲ ﺟﺒــﺎﻝ ﺍﻟﻴﻤــﻦ ﺧﻮﻓﺎ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﱃ ﻣﺴــﺘﻌﻤﺮﺗﻪ ﻋﺪﻥ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﰲ ﺑﻌﺪﻳﻦ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺜﻘﺎﰲ ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﳼ.
ﻟــﻢ ﺗﻜــﻦ ﻧﺼــﻮﺹ ﺍﻟﻘﺮﻧــين ﺍﻟﺜﺎﻟــﺚ ﻭﺍﻟﺮﺍﺑــﻊ ﻞ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ َّﻋــﴩ ﺇﻻ ﺗﺠﻠﻴــﺎ ﳌﻈﺎﻫــﺮ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﻓﺸــﻜ ﺍﱃ ﺍﳌــﺎﴈ ﻣﻦ ﺧــﻼﻝ ﺑﻌﺚ ﻗﻴﻤــﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻼﺫﺍ ﻟﻼﻋﺘﺼــﺎﻡ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣــﻊ ﺍﻟﺤﺎﴐ ﻟﻔﺮﺽ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨــﺔ ﻋﲆ ﻣﻘﺎﻟﻴــﺪه ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀ ﻧــﺺ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﳌﺤﻀــﺎﺭ ﰲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺴــﻴﺎﻕ ﺃﻱ ﰲ ﺑﻴﺎﻥ ﻣﺤﺎﺳــﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻭﺃﺛﺮﻫﺎ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﰲ ﺍﻟﺜﺒــﺎﺕ ﰲ ﻣﻘﺎﺭﻋــﺔ ﺍﳌﺴــﺘﻌﻤﺮ ﻣــﻦ ﺧــﻼﻝ ﺍﺳــﺘﻠﻬﺎﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻣﻦ ﺳــﲑﺓ ﺍﻻﻣــﺎﻡ ﻋﲇ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻳﻘﻮﻝ: ﺗﺠﺮﻋــﺖ ﻣــﺮ ﺍﻟﺼــﺎﺏ ﺻﻮﻧــﺎ ﻟﻌﻬﺪﻫﺎ ﻭﺣﻔــﻆ ﻣﻮﺍﺛﻴــﻖ ﺍﻟﻬــﻮﻯ ﻭﺫﻣﺎﻣﻬــﺎ.
ﻣﺤﺎﺳــﻨﻬﺎ ﺍﻟﻐــﺮﺍﺀ ﻋــين ﻣﺤﺎﺳــﻦ ﺍﻟﻮﴆ ﻗﺮﻳــﻊ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺣــﺎﻝ ﺍﺣﺘﺪﺍﻣﻬﺎ ﻭﻟﻌــﻞ ﺍﻟﺸــﺎﻋﺮ ﻣﺤﻤــﺪ ﺍﺑــﻦ ﺃﺣﻤــﺪ ﻣﻄﻬﺮ ﻗﺪ ﺃﺩﺭﻙ ﺃﻫﻤﻴــﺔ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳــﺔ ﰲ ﺗﻮﻟﻴــﺪ ﺍﳌﻌﻨــﻰ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ ﻭﺍﻟﺴــﻴﺎﳼ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋــﻲ ﻭﻟﺬﻟــﻚ ﺍﺳــﺘﻬﻞ ﻧﺼﻪ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ: ﺣــﺪﺛــﺎﻧــﻲ ﻋــﻦ ﻋــﻴــﺪ ﻳـــﻮﻡ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻭﺩﻋـــــﺎ ﺫﻛــــﺮ ﺯﻳـــﻨـــﺐ ﻭﺍﻟــﻐــﺪﻳــﺮ ﻭﺃﺣــــﺎﺩﻳــــﺚ ﻏــــﺰﺓ ﺑـــﻞ ﻭﻟــﺒــﻨــﻰ ﻭﺟـــﻤـــﻴـــﻞ ﻭﻋـــــــــﺮﻭﺓ ﻭﻛـــﺜـــﲑ ﻭﺍﺗــــﺮﻛــــﺎ ﻭﺻـــــﻒ ﻏـــﻴـــﺪ ﻭﻣــــﺮﺩ ﻭﺟـــــﻤـــــﺎﻝ ﻭﺃﻳـــــﻜـــــﺔ ﻭﴎﻳـــــﺮ ﻭﺍﴍﺣــــﺎ ﱄ ﺗــﻠــﻚ ﺍﻟــﻮﻻﻳــﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺑـــﻘـــﻮﻝ ﻣـــﻦ ﺍﻟــﺒــﺸــﲑ ﺍﻟــﻨــﺬﻳــﺮ.
ﺃﻣــﺎ ﺷــﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋــﴩ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺍﻟﺬﻳــﻦ ﺗﻀﻤﻨﻬﻢ ﻛﺘﺎﺏ ” ﺷــﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻴﻤﺎﻧﻴــﻮﻥ ” - ﻭﺍﻟﻜﺘــﺎﺏ ﻫﻮ ﻣﺤﻮﺭ ﻫــﺬه ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﻣﺼﺪﺭﻫــﺎ - ﻓﻬﻢ ﻛــثر ﻭﻳﺘﻌﺬﺭ ﺍﻟﻮﻗــﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻧــﺺ ﰲ ﻫﺬه ﺍﻟﻌﺠﺎﻟﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﺗﺤــﺎﻭﻝ ﺗﺮﺗﻴــﺐ ﺍﻟﻨﺴــﻖ ﺍﳌﺘﺸــﻈﻲ ﰲ ﺍﻟــﺬﺍﺕ ﺍﻟﺸــﺎﻋﺮﺓ ﻭﺗﺤﺎﻭﻝ ﺻﻮﻏﻪ ﻣﻦ ﺟﺪﻳــﺪ ﻟﺘﻌﻴﺪ ﺑﻨﺎﺀ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﺎﻟﻨﺼﻮﺹ ﺗﻠﺒــﻲ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻟﺒــﺚ ﺭﻭﺡ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣﺔ ﻣــﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺨــﻼﺹ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ ﰲ ﺍﻟــﴫﺍﻉ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺑين ﻣﺤﻮﺭ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣــﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻊ ﻭﰲ ﺍﻟــﴫﺍﻉ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮ ﺑــين ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃــﻞ، ﻓﺎﳌﺒﺪﻉ ﺍﻟﻴــﻮﻡ ﰲ ﻇــﻞ ﻣﻮﺟﺎﺕ ﺍﻟﴫﺍﻉ ﻭﺍﻟﺤــﺮﻭﺏ ﻳﻌﻴﺶ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﻣﻌﻘﺪﺓ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺷــﻜﻞ ﻧﺼــﻪ ﰲ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﻋﲇ ﻭﰲ ﻣﻮﺿــﻮﻉ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻣﻨﺒﻬــﺎ ﺑﺎﻋﺜﺎ ﻟﻠﻘﻴــﻢ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤــﻊ ﻭﻛﺎﻥ ﺷــﺪﻳﺪ ﺍﻟﺤــﺮﺹ، ﻋــﲆ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﻻﻧﻀﺒــﺎﻁ ﻭﺍﻟﺨﻀﻮﻉ ﻭﺍﻟﺼــﱪ ﻭﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺎ ﺳﻠﻄﺔ ”ﺍﻟﻬﻮ ”.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻐبن ﺃﻥ ﻧﻐﺎﺩﺭ ﺷــﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋــﴩ ﺍﻟﺬﻳــﻦ ﺗﻀﻤﻨﻬــﻢ ﻛﺘــﺎﺏ ” ﺷــﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳــﺔ ﺍﻟﻴﻤﺎﻧﻴــﻮﻥ ” ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﻗــﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﻧﺺ ” ﻓﺼﻮﻝ ﺍﳌﺎﺀ ” ﻟﻠﺸــﺎﻋﺮ ﺣﺴــﻦ ﺍﳌﺮﺗﴣ , ﻓﺎﻟﻨﺺ ﻳﺸــﻜﻞ ﻛﺘﺎﺑــﺎ ﰲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩه ﰲ ﺳــﻴﺎﻕ ﺍﻟﻜﺎﺗــﺐ ﻣﻨﻌﻄﻔــﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﺸــﻌﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﻌﻘﺪﻱ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻱ. ”ﻓﺼــﻮﻝ ﺍﳌﺎﺀ ” ﴎﺩ ﺷــﻌﺮﻱ ﻳﻌﺘﻤــﺪ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻭﻳﺮﻣــﺰ ﻣﻀﻤﻮﻧــﻪ ﺍﱃ ﺍﻟﺨــﻼﺹ ﻣــﻦ ﺍﻟﺠﻔــﺎﻑ ﻭﺍﻟﻌﻄﺶ ﰲ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﺍﻟﺪﻻﱄ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺴــﻊ ﻭﻻ ﻳﻀﻴﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ , ﻓﺎﳌﺎﺀ ﻳﺼﻨﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻋــﲆ ﻗﻴﺪﻫﺎ ﺇﻻ ﺑﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳌﻌﻨﻰ ﻳﺘﻌﺎﺿﺪ ﻣﻊ ﺍﻟﴪﺩ
ﺍﻟﺸــﻌﺮﻱ ﻟﻴﻮﺣﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺪﻭﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻵﻝ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﺑﻬﺎ ﻭﺍﻟﻨــﺺ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑين ﻏﺪﻳﺮﺧﻢ ﻭﺍﳌﺎﺀ ﰲ ﺭﺅﻳﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻳﻘﻮﻝ: ﻗﻮﻝ ﻭﺃﻥ ﺗﺠﻴﺐ ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ٌﱄ ﺃﻥ ﺃ ﺃﻏﺪﻳﺮ ﺧﻢ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺕ ﺑﺰﻣﺰﻡ ﻟﻬﻤﺎ ﺻﻠﺔ ؟ ﻟـــﻬـــﻤـــﺎ ﺻـــــﻼﺕ ﻳــــﺎ ﺻــﺪﻳــﻘــﻲ ﻓـــﺎﳌـــﺎﺀ ﻟــﻠــﺮﺣــﻤــﻦ ﺃﻭﻝ ﺑﻮﺻﻠﺔ ﺃﻭ ﻟــﻴــﺲ ﻋـــﺮﺵ ﺍﻟــﻠــﻪ ﻓـــﻮﻕ ﺍﳌــﺎﺀ ﻓﺎﳌﺎﺀ ﺃﻭﻝ ﻋﺎﺑﺪ ﻟﻠﻪ ﻗﺒﻞ ﺗﻮﺍﺟﺪ ﺍﻻﺣﻴﺎﺀ ﻭﺍﳌــﺎﺀ ﺃﻭﻝ ﺭﺍﻛــﺾ ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﻫﺎﺟﺮ ﺣﻴﺚ ﺯﻣﺰﻡ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺇﻻ ﻳﺪﺍ ﺃﻭﱃ ﺗﺒﺎﻳﻊ ﻟﻠﺬﺑﻴﺢ.
ﻫﻨﺎ ﺛﻤﺔ ﺭﺅﻳﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﻓﻠﺴﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻠــﺔ ﺍﻟﺸــﻌﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴــﻄﺮ ﺍﻟﺸــﻌﺮﻱ ﻭﺍﻟــﴪﺩ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﰲ ﺗﺮﺍﺗﺒﻴﺔ ﺗﺘﻐﻴﺎ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺑين ﺃﺷــﻜﺎﻝ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳــﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﺳــﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜــﺮﺓ ﻭﻫﻮ ﻧﺺ ﻳﻌﻴــﺪ ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﳌﻌﺮﻓــﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻨﻔــﺎﺫ ﺍﱃ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻷﺷــﻴﺎﺀ، ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺠــﺎﻭﺯ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺑﻤﻘﺎﺭﺑﺔ ﺷــﻌﺮﻳﺔ ﺗﻌﻴﺪ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺟﻮﻫﺮﻫــﺎ ﻭﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻓﺎﳌــﺎﺀ ﰲ ﻣﻌﺎﺩﻟﻪ ﺍﳌﻮﺿﻮﻋــﻲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﻌﻴــﺪ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻧﺴــﻘﻨﺎ ﻭﻛﻮﻧﻨﺎ ﻟﻨﺸﻌﺮ ﺑﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻃﻬﺮﻫﺎ ﻭﻧﻘﺎﺋﻬﺎ.
ﻭﺍﻟﺸــﺎﻋﺮ ﺣﺴــﻦ ﺍﳌﺮﺗــﴣ ﰲ ﻧﺼــﻪ ”ﻓﺼﻮﻝ ﺍﳌﺎﺀ“ ﻳﻜﴪ ﺍﳌﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺴــﺎﺋﺪ ﰲ ﺍﻟﺬﺍﻛــﺮﺓ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ ﻭﻫــﻮ ﺍﻟﻘــﻮﻝ ﺇﻥ ﻫﻨــﺎﻙ ﺷــﻜﻼ ﻭﺍﺣــﺪﺍ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘــﺔ ﻳﺤﻮﻱ ﺧــﻼﺹ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻫــﻮ ﻳﺆﻛﺪ ﻣﺎ ﺳــﻠﻒ ﻟﻨــﺎ ﻗﻮﻟــﻪ ﰲ ﺍﻟﺴــﻴﺎﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴــﻔﺔ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻫﻤﺎ ﺍﻷﻗﺪﺭ ﻋﲆ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍﺕ.
ﻭﺑﺎﻟﺘﺄﺳــﻴﺲ ﻋــﲆ ﻣــﺎ ﺳــﻠﻒ ﴎﺩه ﻭﺑﻴﺎﻧــﻪ ﻧﺨﻠــﺺ ﺍﱃ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻧــﻪ ﰲ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺍﻟﺸــﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻘﻴــﺎﻡ ﺑﺎﳌﻮﺍﺯﻧــﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻀﻴــﻞ ّﻛﺎﻥ ﻫــﻢ ﻭﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻣﺘﺪﺕ ﺃﻓﻘﻴﺎ ﻭﺭﺃﺳﻴﺎ ﰲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻧين ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺣﻴﺚ ﺍﻋﺘﻤــﺪ ﺍﳌﺜﻘﻒ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺘﻮﻟﻴﺪ ﺍﳌﻌﺎﻧﻲ ﻭﺻﻮﻻ ﺍﱃ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺗﺴــﻢ ﺑﻬﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ.
ﺃﻣــﺎ ﰲ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟــﺚ ﺍﻟﻬﺠــﺮﻱ، ﻓﻘــﺪ ﻫــﺮﺏ ﺍﻟﺸــﻌﺮﺍﺀ ﺍﱃ ﺳــﻠﻄﺔ ” ﺍﻟﻬﻮ ” ﺃﻱ ﺳــﻠﻄﺔ ﺍﳌﺎﴈ , ﻫﺮﻭﺑــﺎ ﻣﻦ ﻗﺴــﻮﺓ ﺍﻟﻮﺍﻗــﻊ ﻭﺃﻣــﻼ ﰲ ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣﻊ ﻣﻌﻄﻴﺎﺗــﻪ , ﻭﻫﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻬــﺮﻭﺏ ﻳﺤﺎﻛﻤﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺤﺎﻛﻤــﺔ ﻗﻴﻤﻴــﺔ ﻭﺃﺧﻼﻗﻴــﺔ , ﻭﺣين ﻧﺸــﺄ ﺍﻟﺤﺲ ﺑﺎﻟﺴــﻠﻄﺔ ﻛﺈﺷــﺒﺎﻉ ﻟﺠــﻮﻉ ﺍﻟﺘﻮﺗــﺮ ﺧﻔــﺖ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸــﻌﺮ ﺃﻭ ﻛﺎﺩ ﺍﺑﺘــﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﻭﺻــﻮﻻ ﺍﱃ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌــﺎﴍ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺣﻴﺚ ﻋﺎﺩ ﺍﱃ ﻣﺮﺑﻌــﻪ ﺍﻷﻭﻝ ﰲ ﺗﻮﻟﻴــﺪ ﺍﳌﻌﺎﻧــﻲ ﻣــﻦ ﺧــﻼﻝ ﴎﺩ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺎﺕ ﻭﺍﳌﺮﻭﻳﺎﺕ , ﻭﺣــين ﻧﻠﺞ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﴩ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺸــﻌﺮﻱ ﺍﱃ ﺣﻠﻮﻝ ﺻﻮﰲ ﻭﻭﺟﺪ ﻳﺘﻤﺎﻫﻰ ﻣﻊ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﻟﻴﺴــﺘﻐﺮﻕ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻢ ﻣﺎ ﻳﻔﺘﺄ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﱃ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﺙ ﺍﻟﻌﺎﻣــﻞ ﺍﻟﺜﻘــﺎﰲ ﻭﺍﻟﺴــﻴﺎﳼ ﺗﻄــﻮﺭﺍ ﻣﻠﺤﻮﻇﺎ ﰲ ﻣﺴــﺎﺭ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﻓــﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻨﻈﲑ ﻭﺗﻮﻟﻴــﺪ ﺍﳌﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳــﺎﺕ ﻣﱪﺭﺍ ﻛﺎﻓﻴﺎ ﰲ ﺫﻟــﻚ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺳــﻤﺔ ﺑــﺎﺭﺯﺓ ﻟﻠﻘﺮﻧــين ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋــﴩ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﴩ ﺍﻟﻬﺠﺮﻳين.
ﺃﻣــﺎ ﰲ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻋــﴩ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ، ﻓﺸــﻜﻞ ﺍﻟﻬﺮﻭﺏ ﺍﱃ ﺍﳌﺎﴈ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﻴﻤﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﻼﺫﺍ ﻟﻼﻋﺘﺼــﺎﻡ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﻣــﻊ ﺍﻟﺤﺎﴐ ﻟﻔﺮﺽ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﲆ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ.
ﻭﰲ ﺍﻟﻘــﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣــﺲ ﻋــﴩ ﺍﻟﻬﺠــﺮﻱ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸــﻌﺮﺍﺀ ﺗﻌﺒﲑﺍ ﻋــﻦ ﺍﻟﺤﺎﺟــﺎﺕ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴــﺔ , ﻟﺒﺚ ﺭﻭﺡ ﺍﳌﻘﺎﻭﻣــﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ , ﻭﺟﺎﺀ ﻧﺺ ”ﻓﺼﻮﻝ ﺍﳌﺎﺀ“ ﻟﻴﻌﻴﺪ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﻨﺎﺀ ﻟﻐﻮﻳﺎ ﻳﺘﺴــﻖ ﻭﴐﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﺪﺍﺛــﺔ ﻛﺒﻌــﺪ ﺛﻘﺎﰲ ﺳــﺎﺋﺪ , ﻭﺍﻟﻨﺺ ﻳﺮﻣﺰ ﺍﱃ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻔﺎﻑ ﻭﺍﻟﻌﻄﺶ , ﻓﺎﳌﺎﺀ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﺼﻨﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
ﻭﻳﻤﻜﻨﻨــﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﻧﺺ ” ﻓﺼــﻮﻝ ﺍﳌﺎﺀ ” ﻳﻌﻴﺪ ﺇﻧﺘــﺎﺝ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﺧﻼ ﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﺍﱃ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻻﺷــﻴﺎﺀ , ﻭﻫــﻮ ﻧــﺺ ﻳﻜــﴪ ﺍﳌﻌﺘﻘــﺪ ﺍﻟﺴــﺎﺋﺪ ﰲ ﺍﻟﺬﺍﻛــﺮﺓ ﺍﳌﻌﺮﻓﻴــﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ ﻭﻫــﻮ ﺍﻟﻘــﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷــﻜﻼ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﺤﻮﻱ ﺧﻼﺹ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ.
ﻭﺍﳌﻼﺣــﻆ ﺃﻥ ﺷــﻌﺮ ﺍﻟﻐﺪﻳﺮ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳــﺔ ﻳﺆﺛﺮ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗــﻊ ﻭﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑــﻪ , ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺴــﻴﺎﳼ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻋﺜــﺎ ﰲ ﻛﻞ ﺣﻘــﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﱃ ﻳﻮﻣﻨــﺎ , ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﺗﻜﻮﻳــﻦ ﺍﻟﺼــﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸــﻌﺮﻳﺔ ﰲ ﺟــﻞ ﺍﻟﻨﺼــﻮﺹ ﻛــﴬﻭﺭﺓ ﻻ ﻳﻤﻜــﻦ ﺗﺠﺎﻭﺯﻫــﺎ ﺫﻟــﻚ ﻷﻧﻬــﺎ ﺗﻤﺜــﻞ ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﳌﺎﺩﻱ , ﻭﻫﻲ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺗﻤﺜــﻞ ﻋﻨــﴫﻱ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳــﻦ ﺍﻟﻔﻜــﺮﻱ ﺃﻱ ﺍﳌــﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ , ﻭﺣين ﻳﺸﻌﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺘﻬﺪﻳﺪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻳﺠﺪ ﺑﺎﻋﺜﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﺍﱃ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﰲ ﺇﻗﺼﺎﺀ ﺳــﻤﺎﺕ ﺍﻟــﺰﻭﺍﻝ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻓــﺮ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗــﻊ ﺣﺘــﻰ ﻳﺒــﺪﻭ ﻗﺎﺑــﻼ ﻟﻼﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ.
ﻛﺎﻧــﺖ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﰲ ﺑﻌــﺾ ﺍﳌﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﺗﺨﻔﻖ ﰲ ﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﳌﺤﻘﻘﺔ ﰲ ﺍﻟﺤﻘﻞ ﺍﳌﻌﺮﰲ ﻟﻜﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺸــﻌﺒﻲ ﻧــﺎﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﺣﻴــﺚ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺎﻟﱰﻭﻳﺞ ﳌﻌﺠﻢ ﻟﻐــﻮﻱ ﺑﺪﻳﻞ ﻳﻘﺘﴫ ﻋﲆ ﺍﻟﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺁﺭﺍﺀ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻭﺷﺎﺋﻌﺔ.
ﻓﻔﻲ ﺍﻷﺣــﻮﺍﻝ ﺍﳌﻀﻄﺮﺑﺔ ﻳﻨﻈــﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﱃ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻹﻳﺠﺎﺩ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﻟﻼﺳــﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ , ﻓﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻐﲑ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﳌﻀﻄﺮﺏ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ , ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻛثر ﻓﻈﺎﻋﺔ ﺑﺪﻭﻧﻬﺎ